recent
أخبار اليوم

كيف يفكر المصريون؟محاولة للفهم_ جريدة اللواء العربي

د. حسام عطا
في محاولة لفهم مصر المصريين الحاضر المعاش، مصر الشعب المصري العظيم.
مصر التي تشعرنا دائماً بأننا لا نستطيع أن نفهمها، إذن يجب علينا أن نفهم أولاً ماذا يعني الرئيس عبد افتاح السيسي عندما يقول أننا لم نفهم المصريين.
إنه في تفسيري المتواضع يود الإشارة إلى عموم الشعب المصري العظيم الذي لا يتحدث أحاديث الأفكار والسياسة والثقافة. 
وهذا الشعب المصري مفتاح فهمه في ما يمكن أن أساهم به في الحوار الوطني الدائر أنه وبحق خارج دائرة الاستقطاب السياسي الحادث في وسائل الإعلام بين إعلام الداخل المدافع عن مشروع الدولة المصرية وعبورها للمستقبل، وبين الإعلام الخارجي المعادي الداعي للفوضى وللإحباط.
المفتاح أو المقترب هو حرص هذا الشعب العظيم على عشق الحياة، أنه يضحك ويتزوج ويحب ويمرح رغم كل ما يحيط به من أزمات.
وبنظرة جادة للواقع القيمي للمجتمع تحت المظلة الكاذبة لرواج الإيدلوجية الإسلامية الأصولية (الإسلام السياسي) يمكن ملاحظة انفصام خطير داخل الوعي العام تحت ضغط الأصولية المتخشبة المعبرة بشكل أو بأخر عن تخشب الطبقة المتوسطة المصرية الحديثة والمعاصرة، في ظل ظروف ضاغطة.
ولذلك فالطبقة المتوسطة المصرية وهى تكافح من أجل العيش تمارس قدراً لا بأس به من النفاق اليومي والكبت الخائف من انهيار صورتها الاجتماعية، وفي سلوك عدد من أفرادها جشع واضح عندما تتعامل مع عموم الشعب المصري، والأمثلة عديدة لا حصر لها، رغم أن الطبقة المتوسطة لا تزال أيضاً هي حافظة القيم والأخلاق.
بغض منها ما يفعله المدرسون ودروسهم الخصوصية ومغالتهم في أجورهم الخاصة المقرونة بالامتناع عن الأداء الجاد في المدرسة، مع الاحتفاظ بعذر منطقي من وجهة نظرهم ألا وهو ضعف الرواتب الشهرية.
والأمثلة عديدة، مما يدفع بعموم البسطاء من الشعب المصري إلى إخفاء ممارسته الاجتماعية الأكثر تحرراً من ممارسات الطبقة المتوسطة، والأكثر ارتباطاً بقيم الفردية والحرية الشخصية والانتقاء والتعددية. 
إلا أن معظم هؤلاء المتمتعين بالحياة وممارستها الحرة المباشرة يعجزون عن بلورة هذه الممارسات، وما ينتج عنها من خبرات في بنية فكرية متسقة تمنحها مشروعية أخلاقية وعملية. ولأنهم لا يجدون تفسيراً مباشراً لما يفعلونه، ولا غطاء فكري حقيقي، فهم يقعون في انفصام حاد بين ما يظهر منهم للمجتمع، وبين الممارسات اليومية في السر.
إنه الصدام الدائم بين التفسير الواقعي للممارسات اليومية وبين ما نشرته الأصولية الإسلامية، والأصولية الاشتراكية والليبرالية المعاصرة. 
ولذلك فالمصريين في معظمهم خارج تلك الإٍستقطابات الحادة.
هذا الشعب يعرف كيف يعيش ويعرف كيف يستمتع وكيف يتضامن ويتكافل وكيف يدعم بعضه البعض الآخر في السراء والضراء.
إنه شعب مصر العاشق للحياة يفهم جيداً بعقله وعاطفته مشروع التحديث الذي تديره الدولة المصرية للدخول نحو المستقبل.
ولذلك وجدير بالذكر أن حديث الرئيس السيسي في المؤتمر الاقتصادي الأخير ومع برنامج التاسعة مساء هو بمثابة إعلان حقائق تكشف وتؤكد عدة ملاحظات: 
أولاً : أن حديث الحقائق والاعتراف الواضح من رئيس الجمهورية بالعديد من المشكلات على الصعيد الاقتصادي والإعلامي وغير ذلك لهو تأكيد لحيوية وإدراك لدور منطقي نحتاج لاستعادته، ألا وهو حضور المعارضة الوطنية المنظمة داخل الأحزاب ووسائل الإعلام دون النظر لالتقاط الإعلام المعادي لذلك.
فقد بدا الرئيس صادقاً وجاداً في إعلان إدراكه للحقائق والأزمات.
جدير بالذكر أن حالة الرضا الشعبي التي لم يسع لها الرئيس السيسي، باتت بالعودة لعلاقته الوجدانية بالمصريين يمكن التفاعل معها عندما يتحدث إليهم.
المصريون يحتاجون لمن يتحدث إليهم ليفهموا ما يقول.
ولذلك فعودة الأدوار الرقابية الحازمة وتفعيلها في الإعلام ومجلس النواب والشورى ضرورة قصوى. 
ودعم ثقافة الديموقراطية وتنمية قدرات الحياة السياسية السليمة ومنح فرص النجاح للشباب، وتفكيك الأيدلوجيا البائدة للطبقة المتوسطة المصرية وإزالة مساحات النفاق الاجتماعي ضرورة ثقافية هامة كي ينمو المجتمع المصري ويستريح ويسترخي ويغادر المسافة بين المعلن والسري.
وفي ذلك بلا شك ضرورة قصوى.
لأن المسار الآن في مصر هو مسار التحديث المعاصر وهو يحتاج للاتفاق على المشتركات الوطنية، الذي يعد الأهم بعد ممارسة محمد علي الكبير للتحديث، مع تغير هام في الظروف التاريخية ألا وهو نمو تطلعات الشعب المصري المستحقة لحياة كريمة، يستطيع معها أن يقدر على الوفاء بالاحتياجات الأساسية، وهى الضرورة الهامة التي على الدولة المصرية الاستجابة لها، لأنها وإن أدت إلى بطء ما في إيقاع الإنجاز الملموس في تحديث البنية التحتية المصرية وغيرها من الأمور الهامة جداً لمصر، ما عدا مسألة تنوع وثراء وحداثة مصادر التسليح للجيش المصري العظيم القادر على ردع من يفكر بالعدوان.
تلك الاستجابة الجادة لمطالب المصريين في ظروفهم المعيشية اليومية ضرورة كي يستطيع الشعب المصري ممارسة الحياة، وهو يعمل ويسعد ويثق كل الثقة في الفارس الشعبي المصري المنتخب الذي أحبه وانتخبه ودعمه وسار معه في المسارات التي أختارها قليل جداً من الاستجابة لمطالب المصريين في الحياة اليومية ضرورة لدخولنا جميعاً لمستقبل أفضل.
هكذا نفكر ونحلم ونتمنى ونثمن ونثق بأحاديث الصدق والشفافية الواقعية التي تحدث بها الرئيس عبد الفتاح السيسي ولنا فيها أسوة حسنة.

google-playkhamsatmostaqltradent