بقلم إيناس المغربي
إليك يا زهرة الوادي ..
إليك يا أنس أيامي ..
إليك يا مصباح أضاء بنوره دربي و ظلماتي ..
ذهب النسيم وجاء الهجير ليشعل بناره بنياني ..
كم كنت قاسيا يا داء عندما اقتحمت أجسام الغوالي.
ألم تعلم باقتحامك هذا قتلت نفسي وبهجة فؤادي ..
ألا تعلم أي جسم اقتحمته يا قاتلي ..
إنها زهرة الوادي …أمي .. شمس حياتي ومستودع أحلامي ..
إنها الحضن الدافئ و الكنز الوافي ، مرساة سفينتي عندما تلاطمها الأمواج وتعتصرها الأعاصير وتطوح بها الرياح من كل وادي ..
لماذا طرقت بابنا ..؟!!
بددت أماننا ..فرقت شملنا فأوجعت قلبنا .. أفلا تبالي !!
أتعلم يا داء من التي اقتحمت ؟!!
إنها زهرة الوادي ري رياحين بستاني .. منعطف حياتي شريط ذكرياتي ..
لو لم تعلم من هي زهرة الوادي فتعالى أحكي لك شيئا عنها ..
هي شمس الشموس البهية وقمر الأقمار الزكية ولألأة النجوم العلية و درة البحار الأبية.
هي ساحة عبادة مصحف وسبحة وسجادة ..
هي صدقة مخفية وزكاة مطهرة نقية لكل من ضاقت به الحياة وكدرته الحوائج وذلته الليالي.
هي الصوم عن القساوة والمنع عن البذاءة والبعد عن الوقاحة والجلافة والسماجة .
هي الكلمة الطيبة والرقة المتناهية والعذوبة المترامية..
لماذا خليت بيني وبينها ..؟!!
فهي مرآتي أرى فيها صورتي حقيقتي ،جدي وهزلي ..صوابي وخطئي لا تنافقني ولا تحابيني عن الخطأ دائما تبعدني تُنحيني تُنجيني
.!!
لها قلب موار بالحنان لها روح مفعمة بالسلام لها حس ودود يملأ الوجدان والأركان .
عيدي يوم نلتف حولها سعدي يوم نجتمع بدارها ، ليس في الوجود أشهى من طعامها ودفئها ..
إن غابت دعوات الخلق عني ما غاب عني دعاؤها .. يلوح أمامي بين السحاب، أحسه مختبئ وراء السماوات، يموج ويعلو ويرتقي فيستحي ربي رد الدعاء وقد كرم الله قدرها فكيف لي بنسيانها أو البعد عن أنفاسها ما بقيت لي الحياة
يامن لا تدرك من هي زهرة الوادي ..!!
اسألوا الناس عنها في فرحٍ و في ترحٍ هي يد ممدودة بالخير معروفة بالبر، اسألوا الغادي والرائح عنها ،اسألو الفقير قبل القدير والبائس قبل السعيد ستعرفونها مرسومة على الجبين مذكورة على اللسان محفورة في الوجدان تنساب في الشريان .
أه ثم اه ثم اه .. !!
أولا تعلمين يا زهرة الوادي كم افتقدناك أو لا تدرين كم باب سُدً وكم شباك رُدً وكم معوز صد و ضُر .
هل تعتقدين مجيئ أعياد بعدك وقد أنطفأ شمعك ؟!!
هل تتوسمين في شروق يوم وقد غابت شمسك ؟!!
ما سَعِد أبنائي بالهدايا والعطايا قط مثلما سَعِدوا بهداياك ،وما اطمئنوا لتوفيقهم إلا بتبريكاتك وتحفيزاتك
هيهات هيهات هيهات
أن تعود ضحكاتي وأن تسفر قسمات وجهي عن بسماتي أو يُضيئ الصبح في وجناتي .
الأن أصبحت كالطفلة الصغيرة أبحث عنك وراء الجداران أفتش عنك بين الحجرات ،أنُشدك في كل مكان أتسمع صوتك فوق الأسطح وبين الجيران، عند المحتاجين والأيتام عساي أجدك في أي مكان ..!!
أمي يا أنس الوجود كان بودي أحمل عنك ألامك أحبس في صدري أهاتك أضعك بين جفوني وأحملك فوق أكتافي لكنها مشيئة الباري ...
سامحيني إن يوما قصرت إن لحظة عنك تأخرت أو ناشدتني وتقاعست
اعلمي أمي مهما قدمت لك من حب وجهد وعطاء فأنا مقصرة مقلة مُخلة، ليتني صغيرة السن كاملة البنية لأعطيتك من عمري تعيشين ومن عافيتي تحيين .. !!
سامحيني يا أمي سامحيني لقد قدمت لك كل ما في استطاعتي وموفور طاقتي ولكن لا يكفيك ولا أوفيك .
اللهم ربي تركت لك الأم الرؤوم، والدرة المكنونة، والجوهرة المصونة فتقبلها في رحابك بالقبول الحسن فمن يجاورك فهو السعيد ومن يراك فلا يبتغي من الدنيا حبيبا فهنيئا لها قربك ورؤية وجهك الكريم
أقسمت عليك ربي ان توسع قبر أمي ليصير قصراً وتفتح نوافذه على أنهار الكوثر وتمد في جدرانه ليلتصق بجدران النبي الأكرم وتري وجهك الكريم الأعظم فلا تظمأ بعدها ولا تسخط
ربي :
هذه أمتك الفقيرة لبت نداءك بعدما رضيت بقضائك وصبرت وبرت فاللهم وعدك الذي وعدت
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}
أستودعك الله أمي إلى اللقاء
في جنان الخلد مع النبين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا
سيري في موكبك الملائكي الأرفع إلى جناب الرحمن الرحيم الأكرم الذي أعد لعباده المتقين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ،لقد تهيأت لك الجنان وازلفت لك الفراديس
فهنيئا لجنة زُفت إليها زهرة الوادي .
بإذنك ربنا تقبل اللهم حسن الظن فيك واليقين أنك البر الرحيم وبتبشيرك للمتقين ( أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) أمين أمين أمين