recent
أخبار اليوم

واو العطف والحنان | جريدة اللواء العربى



بقلم : محمود حسن 
في القرآن تفاصيل دقيقة جديرة بالتأمل والتدبر ، 
ومن خلالها يستطيع العقل الخروج بحكمة بالغة تنير له الطريق في سبل شتى ، 
لاسيما أن الله عز وجل خاطب بهذا القرآن العقل والفكر ، لقوم يعقلون ، يتفكرون ، يفقهون ، يتدبرون ، لأولي الألباب ، لأولي النهى ، لمن ألقى السمع وهو شهيد ، 

وحينما نتأمل الآيات الكريمة الآتي ذكرها نجد مفارقة مدهشة حري بنا تدبرها وإمعان النظر إليها لمحاولة تفسيرها والوقوف على مقصدها ، 
قال تعالى " وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ " 

أنظر إلى كلمة " فتحت " تجد أنها مسبوقة بحرف الواو ، فقال " حتى إذا جاءوها ( وفتحت ) أبوابها ، 

ثم قال تعالى " وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ " 

ثم إنظر هنا إلى كلمة ( فتحت ) تجد أنها غير مسبوقة بحرف الواو ، " حتى إذا جاءوها فتحت "  
لماذا وما هو سر حرف الواو ؟؟!! 

إنها واو الحنان والعطف من الرؤوف الرحيم الحنان المنان 
الذي لم بقبل ولم يرض الذل لعباده أصحاب الجنة فيتركهم واقفين أمام باب الجنة ولو لثوان معدودة ، فحينما وصلوا إلى الجنة وجدوا بابها مفتوحا من قبل وصولهم ، (وفتحت أبوابها ) أي وكانت مفتوحة ، حفاظا على كرامة أحبائه أهل الجنة الكرام ،  

أما أصحاب النار فعدم وجود حرف الواو يعني أنهم حينما وصلوا إلى باب جهنم وجدوه موصدا أمامهم إمعانا في المذلة والمهانة لهم ( حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها ) أي أن باب جهنم لم يفتح إلا بعد وصولهم إليه ، وما أمر وأسوء أن تقف أمام مغلق ، 

وهنا يريد القرآن أن يعلمنا بطريقة غير مباشرة سلوكا هاما في حياتنا ، وهو ألا تترك إنسان يقف أمام بابك وقتا طويلا ، لما في ذلك من جرح لمشاعره وإحساسه ، لأن الوقوف أمام الأبواب المغلقة مذلة ، سواء كان القادم إليك ضيفا أو ذو حاجة ، 

القرآن الكريم منهج تربوي رائد يهذب سلوك الإنسان في أدق تفاصيل حياته ، 
فيعلمنا الصبر قائلا " واصبر على ما أصابك إن ذلك لمن عزم الأمور " ،  
ويعلمنا طريقة المشي في الشوارع " ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور " ،
ويعلمنا ضرورة القصد وعدم التسكع في الطرقات فيقول " وأقصد في مشيك " 
ويعلمنا حسن التحدث إلى الناس فيقول " وأغضض من صوتك " 
ويعلمنا الأدب والتواضع فيقول " ولا تصعر خدك للناس ، 
ويعملنا عدم التكبر والتجبر فيقول " إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا " 
ويعلمنا الثقة في الله فيقول " يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات أو في الأرض يأت بها الله " 
فسبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم .
google-playkhamsatmostaqltradent