بقلم د/ رشا عبد اللطيف
نحن أمام نوعاً جديداً من الحروب الا وهي حروب الجيل الرابع والتي تعرف اختصاراً 4Gw أي Fourth Generation War ، فهذه الحروب فرضت نفسها على أرض الواقع وبقوة في المنطقة العربية ، وتستهدف هذه الحروب إشاعة الفوضى وتدمير المجتمعات على أيدي شعوبها مستخدمة أحدث التقنيات التكنولوجية الحديثة من تطبيقات شبكة الإنترنت المختلفة وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعي التي يتم توظيفها في بث الفتن والإشاعات المغرضة والأخبار الكاذبة التي من شأنها احداث حالة من الفوضى والبلبلة وعدم الاستقرار المجتمعي كفيلة بهدم المجتمع ، وفي حروب الجيل الرابع لا يتم احتلال أرضك كما هو معروف في الحروب الكلاسيكية القديمة بلى يتم احتلال عقلك لتدمر ذاتك ووطنك ، وهذه الحروب لا تعتمد على الاسلحة التقليدية لكنها تعتمد على أحدث أساليب تكنولوجيا الاتصال ، لذا تعد حروب الجيل الرابع هي حروب إعلامية في المقام الأول يتم استغلال التقنيات الإعلامية الحديثة في غسل أدمغة الشعوب المستهدفة، وحروب الجيل الرابعة غير مكلفة مثلما تتسم به الحروب التقليدية ، وتتميز حروب الجيل الرابع بأنها غير متماثلة Asymmetric ، أي لا تكون بين جيش وآخر، أو صدام مباشر بين دولة وأُخرى، تستخدم فيها الدولة العدو كل الوسائل والأدوات المتاحة ضد الدولة المستهدفة لإضعافها وإنهاكها وإجبارها على تنفيذ إرادتها دون تحريك جندي واحد ، تستخدم فيها الإعلام والاقتصاد والرأي العام وكل الادوات المادية والمعنوية وتستخدم حتى مواطني الدولة المستهدفة ضدها، وتُعتبر حروب الجيل الرابع أمريكية الأصل وقد استخدم مفهوم حروب الجيل الرابع لأول مرة عام 1989 من قبل الامريكي وليام ليند William S. Lind، ولتوضيح حروب الجيل الرابع أكثر، ينبغي أن نتعرَّف على الأجيال السابقة لها من الحروب،
حروب الجيل الأول: وهي الحرب التي تحدث بين جيشين تقليديين، تابعين لدولتين متحاربتين، وتحدث على ساحة معركة وتكون المواجهة مباشرة .
حروب الجيل الثاني: هي الحرب التي تحدث بين دولة ولا دولة، أي تحدث بين جيش تابع لدولة وجماعات إرهابية أو قوات غير نظامية، وأمثال هذه الحروب كانت تحدث في أمريكا الاتينية و يطلق عليها حرب العصابات.
حروب الجيل الثالث: تُعرف بالحرب الوقائية أو الاستباقية وكما يقول الامريكي وليام ليند بأنَّ من طور هذه الحرب هو الجيش الالماني في الحرب العالمية الثانية ، ومثل ذلك الحرب الأمريكية على العراق وتتميز بعنصر المفاجئة والسرعة والمرونة .
حروب الجيل الرابع : هي حرب أمريكية الأصل، طورها الخبراء العسكريون الأمريكيون بعد أحداث 11 سبتمبر، بعد أن وجدوا أنفسهم في مواجهة تنظيم إرهابي دولي ليس له جيش واضح أو موقع معين لأستهدافه، بل مكون من عناصر محترفة وله خلايا بمختلف الدول وله امكانيات كبيرة بأستهداف الدول التي تشكل أهداف له، لذلك سميت الحرب الغير متماثلة.
الوسائل المستخدمة في حروب الجيل الرابع تتمثل فيما يلي :
- الإرهاب والجماعات المتطرفة .
- استخدام الحرب النفسية والذهنية المتطورة وأدواتها الإعلام والإنترنت والتلاعب النفسي وتحريك الرأي العام.
- استخدام الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية .
- تطور تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الناتو والهندسة الجينية والحواسيب المتطورة .
كل هذه الوسائل تأتي في سبيل اخضاع الدولة المستهدفة عن طريق جعلها دولة فاشلة ومنهكة وضعيفة، تستجيب للضغوطات والتدخلات الخارجية وتكون أرض صالحة للنفوذ والسيطرة..
وهنا يأتي السؤال مجتمعنا العربي قادر على مواجهة هذا النوع من الحروب ؟
يجب على مجتمعاتنا العربية امتلاك أدوات مواجهة حروب الجيل الرابع من خلال بث ثقافة التفكير النقدي لدي شعوبها حتى يستطيع المواطن العربي تفنيد الحقائق عن الإشاعات والأخبار المضللة ، حيث لا يجب أن يصدق كل ما يقال له وتحديداً ما يتاح له من معلومات في المواقع الإلكترونية ومنها مواقع التواصل الاجتماعي ، وأن لا ينساق وراء فكر وأيدلوجيات جماعات تحركه ضد وطنه ، لذا يجب أن تتكامل كل من الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والمؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني في غرس مهارات التفكير النقدي لدي عقول الأطفال والشباب والمراهقين وكافة فئات المجتمع العربي .