بقلم : نور العفيفي
مسلسل "عائلة شمس " لا تسعني سلسلة كاملة عن هذا العمل الفني الراقي المحترم لما يحمله من إسقاطات دينية وسياسية ومشكلات مجتمعية فسريعًا نمر علي بعض منها والمسلسل محاكاة للواقع بما فيه من سلبيات وإيجابيات .
رؤيتي أن "سيمون" لم تختلف كثيرًا عن "شمس " كان أختيار موفق من النجمة "سيمون" فى دور الدكتورة شمس حيث المثالية و التمسك بالأخلاقيات الفاضلة ومحاربة ما دون الخُلق والمثابرة للنجاح والتحدي والذي لم يأخذ بها بعيدًا عن ميولاتها ورؤيتها في الحياة مما مكن لها بأداء العمل بتلقائية شديدة إلا أن موهبتها أضافت للمتلقي التعايش معها كشمس بحب وتطلع لما تذهب إليه .
ولأن الفن مرآة حقيقية تعكس واقع المجتمع جاء مسلسل "عائلة شمس" بذكر مجموعة من المشكلات الهامة الخطيرة والتي لا تزال مصر تعانيها وأضاف الكاتب حبكة درامية خاصة ليخرج عن طور الدراما المعتادة لمناقشة مشكلة بعينها فسلط أضواء الإبداع على مجموعة كبيرة من مشكلات المجتمع والتي يكمن نجاح الإنسانية في التخلص منها ومن مثيلاتها .
بدأ المسلسل ببراعة كاتب و مخرج فى مشهده الأول معلنًا حرب بين العلم والجهل بين الإصلاح والإفساد بمشهد بسيط ربما يمر على الكثيرين مرور الكرام حيث تسقط بنا الصورة من بعض الوحدات السكنية الراقية العالية تنحدر حتى تسقط فى كنف حي شعبي فيظهر بائع اللبن والذي يعترض في بدء العمل على معاملة البطلة الدكتورة " شمس" في رفضها شراء اللبن الملوث ؛ وهنا كانت الرؤية ربما من وجهة نظر ثاقبة أن اللبن هو علامة جيدة للنقاء وللغش أيضًا ورفض الدكتورة شمس لهذا اللبن هو رفض للجهل وللغش وللفساد.
يحمل المسلسل عدة إسقاطات دينية وسياسية ومشكلات مجتمعية فسريعا نمر علي بعض منها.
شخصية "عباس" دور النجم الراحل جميل راتب عم الدكتورة شمس والذي يجسد الطمع ويجسد بصورة واضحة الجهل والرجعية الذكورية المتسلطة؛ وربما جائت بسبب عقدة نفسية لتجربة الشخصية نفسها لكنها تنحدر به منذ النشأة كشاب غني أتلفه المال حينما لم يهتم والدهُ بالتربية قدر إهتمامه بالعطاء.
أيضاً دور كلاً من الدكتور " علوي" والدكتور "فتحي" وهما مثالاً للفساد في الطب الخاص المبني على الربح والذي حول مهنة ملائكة الرحمة إلى إقتصاد في الألم وتجارة بأوجاع الناس وحتي يكون العمل منصفًا فصنع أمرين أولهم التغيير الذي تحرك به دكتور علوي لينتفض ضد أطماع المستثمرين والتي ساناقشها في نهاية رؤيتي وكان الأمر الثاني دور الدكتور شمس وقد جسد الوجه الأخر للملائكة وللطبيب الشريف الذي يتحرك بدافع الرحمة بإعتبارها الربح الحقيقي .
كما تحدث المسلسل عن الغش في أخطر أنواعه الغش المعماري في دور الباش مهندس "هاني خطاب"
أيضًا ما تحدثت عنه سيمون من خلال دورها "شمس" هو الإمتيازات التي يحصل عليها أبناء أساتذة ودكاترة الجامعة دون بقية الطلاب في جميع الكليات بل وفي جميع مراحل التعليم وهو ضمن أسباب التردي التعليمي في مصر.
كما كان الزلزال في المسلسل يحمل الإسقاط الرمزي الزلزال مجازيًا يعبر عن خلع نظارة سوداء كانت تحجب الرؤية عن "شمس" والتي هي رمز أسقط على المثالية والإنسانية السوية ليكشّف السوء عن كل ما حولنا ربما يكون جلد الذات هو أول طرق العلاج وخاصة إذا تردى الوضع في أي مجال كان...
إن مجتمعنا الأن في أمس الحاجة لمثل هذه الأعمال التي تحارب البلطجي بتقويمه وليست بزجه بالسجن ليخرج أكثر توحشًا فضلا عن أعمال اليوم والتي رسخت للجريمة بل وصنعت مدرسة درامية تعلم المجرم طرق مبتكرة لصناعة جريمته بعدم ترك أدلة وبعض الأعمال حاولت غرس حب ورأفة وشفقة على المجرم دونما التنبيه أنه لابد من توقفه عن إجرامه أولاً...
وهنا الفاجعة والكارثة والطامة في المنظومة الصحية والتى هي أحد أهم رسائل هذا العمل؛ فبعض الدول والمستشفيات والمؤسسات العلاجية دخلت إلى الوطن كثعلب ماكر تاجرت في الأعضاء البشرية بعدما تجردت من كل معاني الإنسانية والتي إتخذت من أوجاع الناس وألامهم سلمًا للصعود فوق جبال من الدولارات التي استنزفوها من أكباد المرضى وأهاليهم دون رحمة دون مراعاة لأي ظروف مر بها هذا المجتمع.
عائلة شمس جمع بين عدد كبير من نجوم الفن الأكثر إحترامًا بشهادة ملايين المشاهدين لهم هو مسلسل يخلده الإبداع والإحترام وزرع القيم والدفاع عن حقوق الإنسان وغرس النبل كما جسد ووجه إلى طريق الحياة النقية والتي تتقوى بالحب والتضحية والتكافل والتعاون ليصل بنا إلى معنى حقيقي إلى الحياة التي يسعى إليها كل مجتمع عاقل مفكر وداعم لحياة سوية تبنى على أسُسها إحترام الناس وحقوقهم وتقديس مشاعرهم؛ وبرغم محدودية الإمكانيات التقنيةالتي أستخدمها صناع العمل بفارق يعلمه الجميع إلا أنهم قدموا شيء مشرف ومقبول لدى زائقة الجمهور.