recent
أخبار اليوم

لا..سلام بدون عودة القدس _ جريدة اللواء العربي

الصفحة الرئيسية
بقلم / د جيهان رفاعى

فلسطين تاريخًا وأرضًا ومقدسات ومعالِم هي إرثٌ واجب القَبُول، متحتِّم الرعاية، لازمُ الصَّوْن، إنه ليس خيارًا يتردد فيه المترددون أو شأنًا يتحير فيه المتحيرون، القدسُ آيةٌ في الكتاب، وستبقى ما بقي الزمان، وإن لهذه الأمة جذورًا أعمقَ مِن أن تُستَأصل، ففي قلب كل مسلم من قضيتها جروحًا دامية، وفي كل جفن من مآسيها  عَبَرَاتٍ هامية، وكل مسلم عليه عهد  بإسلامه  لفلسطين من يوم اختارها الباري للعروج إلى السماء ذات البروج، ففيها  أُولَى القبلتين، والمسجدَ الأقصى الذي بارك الله حوله إلى يوم الدين ، فقد كانت نهايةَ المرحلة الأرضية، وبدايةَ المرحلةِ السماويةِ، من تلك الرحلة الواصلة بين السماء والأرض صعودًا، بعد رحلة آدَمَ الواصلة بينهما هبوطًا؛ وإليها  ترامت هِمَمُ الفاتحينَ، تَحْمِل السلام  وشرائعَ الإسلام، هذه الأرض المقدسة هى  أرض النبوات، ومسرى الرسول، وإرثُ الأمةِ الخاتِمة الذي يسكن قلبَ كلِّ مسلم، 
هى بقاعٌ باركها الله وبارك ما حولها، أكثرُ أرضٍ في هذه الدنيا خَطَا فيها الأنبياءُ، مازجت نسماتُها أنفاسَهم، وأصاخت أفياؤها لتراتيلهم ومناجاتهم. وتبلَّلَ ثراها بدموعهم ودمائهم، في أوديتها وعلى وهادها درَجَ أكثرُ الأنبياء، واستقبلت فجاجُهَا وحيَ الله من السماء، لا يكاد وادٍ من أوديتها لم يشهد مرور نبي، ولا مَرْجٌ من مروجها لم يسمع تسبيحة رسول، لو نطقت أحجارها  لَرَوَتْ لنا حكايةَ بعثة، ولو تكلمت جبالها لقصت علينا مولد رسالة، ولو انحصر ظاهرها عن باطنها لهالتنا كثرة مراقد الأنبياء هناك ، ووفرة رفاة  الأولياءالصالحين من كل الشرائع والأديان ،  تعاقب على ثراها  النُّسَّاك والمتبتلين نجدهم مبثوثين على صعداتها أو فى  منحنيات أوديتها ...
لذا كانت فلسطين هي ميراث النبوات وعهد الرسالات وميلاد الشرائع أولى بها وبخلافتها رسل الله وأتباعهم إلى يوم الدين. وقد كان من أوائلهم إبراهيم الخليل أبو الأنبياء عليه  السلام والذي لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما .. كما  دخل عمر بن الخطاب بعزة الإسلام وفتَح القدس بهذه الكلمة العظيمة في يوم من أيام الله وصلى في صدر المسجد ، وسأل عن الصخرة وكانت مدفونة تحت  الزبل، فأزال عنها القَذَر بعباءته وتبعه الناس حتى طهر المكان، وكتب لعهد البلد عهدا وأمانا وحفظ لأصحاب الشرائع كلهم حقهم، فلم يمنع أحدا من ممارسة منسكه، ولم يضيِّق على صاحب صومعة أو بيعة، ولم يهدم جدارا أُسِّس على دين ولم يُهَجِّر ساكنا ولامستوطنا، ولم يهدم بيتا ولا معبدا ولا دارا، وبقيت الكنائس والمعابد من عهده إلى يومنا هذا وطيلة فترة حكم المسلمين مع تتابع القرون لم يتعرض لها أحد، كل ذلك تَمَّ وعمر أقوى حاكم على وجه الأرض وسلطانه أعز سلطان تحت أديم السماء، لم تكن حينها منظمات تلاحِظ حقوقَ الإنسان ولا جمعيات تطالِب بتعايُش الأديان، كان الإسلام أسبقَ من ذلك و أولئك،  ولنا أن نقارِن ذلك بما يحدث الآنَ في ظِلّ المنظمات والجمعيات وبعد إعلان المبادئ والمواثيق، ليتبين لنا الدعوى من الحق، والزيف من الصدق...
القدس هى  ارض  االسلام، وفي الماضي كان  يعيش اليهود والنصارى مع المسلمين في أرض الشام وفلسطين، ومارسوا عباداتهم وبقيت كنائسُهم ومعابدُهم، واختلطوا فيها بالمسلمين وتبادلوا المصالحَ والمنافعَ، بل و تصاهروا كما وضح  التاريخ ، فمَنِ  هم كارهى  السلامَ ؟ ...لقد قدَّم العربُ مبادراتِهم في ذلك وما زالوا، ولكن أن تُغتصب أرض وتهجَّر أُسَر، ويُنفى شعبٌ ويزوَّر تاريخٌ ويعبث بمقدسات وتغير معالِم، ويقع ظلم شديد بشعب مازال يتجرع  المرَّ منذ سبعين عاما، فإن ذلك كله عبث ببرميل بارود لا يُدْرَى متى يبلغ مداه ،إن قضية فلسطين ليست قضية شعب أو عرق، أو حزب أو منظَّمَة، إنها قضية كل المسلمين، ولقد كانت دومًا تستجيش ولاءاتِ المسلمينَ لبعضهم، تجمع كلمتَهم  وتوحِّد صفَّهم، وهي عنوان تلاحمهم   و ترابطهم ومحل اتفاقهم والعدل يقتضي أن نقول: إن الفلسطينيين عمومًا، والمقادسة خصوصًا، قد ضحَّوْا تضحيةً عزَّ نظيرُها؛ فقد عاشوا أطول احتلال في هذا العصر، وهم متمسِّكون بأرضهم متشبِّثون بها، مرابطون على الأكناف بلا أسلحةٍ إلا الحجارةَ والهُتَاف، منذ أكثرَ مِن سبعين عامًا وقُرَاهُم تتعرض لمجازرَ ومذابح؛ وذلك لإرهابهم وتهجيرهم، فما زادتهم الأحداثُ إلا ثباتًا، مضت أجيال منهم وَقَضَوْا وهم لم يعرفوا من رفاهية الحضارة شيئًا، وُلِدُوا في خوف وعاشوا في خوف، وماتوا عليه. تكالبت قُوَى العالَم عليهم وهم صامدون، عاشوا في المخيمات والرفاه مِن حولهم، وُلِدَتْ كثيرٌ من أجيالهم في المنافي والشتات .... 

 لا سلام دائم بدون عودة القدس إلى أصحابها الفلسطينيين، وهذا ليس مجرد شعار، ولكنه استقراء للمستقبل.. لا يستند إلى معرفة بغيب، بل هو استقراء لتراثنا وتاريخنا، ورؤية ممتدة عبر محطات تمتزج فيها شخصية أمتنا وأرثها، وما يختزن في ضميرها من معانٍ ارتبطت بالإسراء والمعراج والبراق والوثيقة العمرية وحطين وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ماذا بعد ... أكثر من سبعين عاما وقضية فلسطين  وشعبها المستضعف تحت الاحتلال الصهيونى ، فقد جار على كل شىء،  الإنسان ، المقدسات ، الشجر ، هجرة الآلاف من مدنهم وقراهم إلى الشتات فى كافة أنحاء العالم واكثرهم فى مخيمات لبنان وسوريا والأردن ومصر والضفة الغربية وقطاع غزة
... قضيه فلسطين أعدل قضيه في العالم ولم تحرر الى يومنا هذا بالرغم من وجود قرارت دولية بحق الفلسطينين بإقامة دولتهم المستقله  مثل قرار  ١٨١، وقرار ١٩٤،  بحق عودة اللآجئين الفلسطنين والذى لم  تلتزم دول مجلس الأمن بتنفيذها وبقيت القضية والمأساة إلى يومنا هذا ... 
أن فلسطين ومقدساتها وتراثها وتاريخها وأرضها  هي للفلسطينين ...
هذا الشعب الذي قاوم وما زال الى يومنا هذا وسوف تكون  له الغلبة في النهاية وما  الإحتلال الصهيوني ومعه  كل المتخاذلين والمتطبعين الا  الى زوال وستظل الشعوب الحرة الشريفة وأحرار العالم بجانب فلسطين.
google-playkhamsatmostaqltradent