بقلم/ محمود حسن
ربما يظن البعض أن تلوين هذه المسرحية عملا محمودا ' وأنه إعادة إحياء للتراث الفني المصري - لاسيما - أن من قامت بهذا العمل هي هيئة الترفيه السعودي بقيادة " تركي آل الشيخ " وهي جهة غير مصرية ' وكيان غريب حتى على الشعب السعودي الشقيق نفسه ' جهة مشكوك أمرها وأمر قائدها '
والأسئلة التي تطرح نفسها الآن :
لماذا هذا العمل تحديدا من بين تراث الفن المصري الحافل بما لا يعد ولا يحصى من الأعمال الفنية القيمة ؟
ولماذا تتكبد تلك الجهة الملايين في ترميم وتلوين هذه المسرحية بالذات ؟
وعلى أي شاشة ستعرض ومتى ؟
والأهم من هو مؤلف هذه المسرحية ؟؟
والأمر واضحا كشمس تموز '
علينا أن نتعرف اولا على بعض الأمور ربما من خلالها نستشف الإجابات '
لنتعرف على تاريخ إنتاج مسرحية مدرسة المشاغبين والتى كان المجتمع المصري يعتبرها - آنذاك - سقطة فنية مدمرة للمجتمع المصري وأنها عمل مغرض وغريب عن طبيعة سلوك الشباب في ذلك الوقت ' فقد كان الأب والمدرس والناظر من المقدسات بدون مبالغة ' ووصل الأمر إلى إيقاف عرضها على الشاشة لمدة طويلة ' وكانت الناس ترسل للممثلين خطابات شتائم واستنكار وقد إعترف أحد نجوم المسرحية بهذا في لقاء إعلامي معه '
والواقع أن تلك المسرحية عرضت في أعقاب حرب أكتوبر 1973 ' وكان المخطط الصهيوني - بعد هزيمته عسكريا - هو التركيز على ضرب التربية والتعليم والأخلاق والأسرة وقتل الولاء والإنتماء ' والتطاول على الرمز والقدوة وإسقاط هيبة الأب والمدرس والناظر والإستهزاء بهم والسخرية منهم والتعدي على المرأة والتحرش بها ' تمهيدا لتدمير المجتمع المصري بأثره '
وهذا ما نجحت في تحقيقة تلك المسرحية وما تلاها من أعمال شبيهه في المسرح والسينما '
وأصبح " بهجت ومرسي ومنصور" قدوة للكثير من الشباب ومثل يحتذى به في التعامل مع الأب والمدرس '
لقد حققت تلك المسرحية من النتائج المدمرة على مدار نصف قرن ما لم تحققه المدافع والدبابات والصواريخ المسمومة '
أما عن مؤلف المسرحية فهو المدعو علي سالم الحاصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة بن غوريون اليهودية الواقعة في مدينة بئر السبع جنوبي إسرائيل ' وفاز بجائزة الشجاعة المدنية والتي تقدمها مؤسسة " تراين الأمريكية اليهودية " وقيمتها 50 ألف دولار أمريكي ' وكان اول من ساند ونادى بالتطبيع مع الكيان الصهيوني ' ولا تعليق !!
وها هي هيئة " التدمير " السعودي تعيد إنتاج هذا العمل السام في ثوب جديد أكثر إبهارا وأضفت عليه مكسبات طعم ورائحة كي يثير لعاب الشباب على إعادة مشاهدتها وتعاطيها والتشبع بما فيها من سموم مغلفة بالسكر في قالب ترفيهي كوميدي شيق ولكنه في ذات الوقت يسمم العقل والأخلاق ويحدث تراكم فكري مشوه وعقيدة فاسدة لدى الشباب '
وكأن المغرض سيئ النية والذي يستخدمه العدو طوعا او كرها ' بعلمه او بجهله ' شعر أن المادة الفعالة للسم المدسوس في هذه المسرحية قد فقدت بعض تأثيرها القاتل فراح يحقنها بمادة أكثر تأثيرا '
وليس غريبا أن تعرض تلك المسرحية في ثوبها الجديد على أحد شاشات mbc وما أدراك ما تلك المجموعة وما تهدف وتسعى لتحقيقه في المجتمع المصري وما هي الجهات الممولة لها " ما ظهر منها وما بطن "
ومنذ متى تهتم تلك الجهات بالفن المصري ؟ والكل يعلم أنهم يعملون ليل نهار على رفع شأن فنون كافة الدول الأخرى على حساب الفن المصري لضربه في مقتل ' من خلال دعم وتصعيد وتنجيم السفهاء والجهلاء وشبيحة الفن '
ألم ينبعث من هذا التصرف الغريب رائحة عفنة تزكم الأنف؟ أم أصبحنا " بينوكيو " أنفه من خشب فاقدة لحاسة الشم بل لا يرى ولا يسمع ' صم عمي بكم فهم لا يفقهون '
إستفيقوا يرحمكم الله ' إنه ليس تلوينا للمسرحية بل هو تلون الحرباء ' وربما تعرفون يوما ما يحاك بكم '
" فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله " .