بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
قال ابن مسعود- رضي اللّه عنه :
أصحاب محمّد ﷺ كانوا أفضل هذه الأمّة:
أبرّها قلوباً وأعمقها علماً، وأقلّها تكلّفا، اختارهم اللّه لصحبة نبيّه ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتّبعوهم على أثرهم وسيرتهم فإنّهم كانوا على الهدى المستقيم».
وقال ابن تيمية (رحمه الله) :
ومن أصول أهل السنة والجماعة:
سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله ﷺ كما وصفهم الله به في قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر:١٠].
وطاعة النبي ﷺ في قوله :
"لا تسبّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدَكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهباً ، ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه ".
ويَقبلون (أي أهل السنة) ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع، من فضائلهم ومراتبهم (أي درجات الصحابة ) ويتبرّؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبّونهم، ومن طريقة النواصب، الذين يُؤذون أهل البيت بقول أو عمل .
ويُمسكون عمّا شجر بين الصحابة (من خلاف) ويقولون:
إن هذه الآثار المَرويّة في مَساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زِيد فيه ونقص وغُيّر عن وجهه ، والصحيح منه هم فيه معذورون، إما مجتهدون مُصيبون، وإما مجتهدون مخطئون.
وهم ( أي أهل السنة ) مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يُوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنه يُغفَر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله ﷺ "أنهم خير القرون " .
ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته ( أي السبق في الإسلام والجهاد ) أو بشفاعة محمد ﷺ الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلى ببلاء في الدنيا كُفّر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة، فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين، إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور لهم؟
ثم القدر الذي يُنكَر من فعل بعضهم قليل نزر، مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم، من الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح.
ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما مَنَّ الله به عليهم من الفضائل، علم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم هم الصفوة من قرون هذه الأمة، التي هي خير الأمم وأكرمها على الله تعالى.
وللمزيد يراجع كتاب العقيدة الواسطية ١٧، ١٨